بعد حادثة أسرة دلجا: خبيرة في بحوث وقاية النباتات تحذر من مخاطر المبيد الحشري الكلورفينابير

شهدت قرية دلجا في مركز دير مواس بمحافظة المنيا مأساة حقيقية خلال أسبوعين، حيث فقدت الأسرة طفلين، ثم والدهم الذي لم يستطع تحمل الألم وفقدانهما، ورحل في حادث أليم ترك صدىً كبيرًا في أنحاء المحافظة، ليكون بمثابة جرس إنذار حول “عدو صامت” يتسلل إلى المنازل دون أن يُكتشف.
من التهاب سحائي إلى تسمم قاتل
عندما بدأت المأساة، اعتقدت الأسرة والجيران أن الأطفال مصابون بمرض معين، لكن التحاليل الطبية أوضحت عكس ذلك، إذ كانت الأعراض غامضة، مثل الإرهاق، وارتفاع درجة الحرارة، والغثيان، ثم تدهور الحالة حتى الوفاة، ومع تزايد الضحايا، بدأت الشكوك في الظهور، لتؤكد التحاليل لاحقًا وجود مادة سامة في أجسادهم، وهي “الكلورفينابير”، مبيد حشري يُستخدم في الزراعة، لكنه يصبح قاتلًا إذا تم استخدامه أو تخزينه بشكل غير صحيح داخل المنازل.
ما هو الكلورفينابير؟
كما أوضحت الدكتورة رانيا عبدالوهاب، الأستاذة بمعهد بحوث وقاية النباتات، عبر حسابها الرسمي على “فيس بوك”، فإن الكلورفينابير يعتبر مبيدًا مُعتمدًا في مصر وله استخدامات عديدة لمكافحة الآفات الزراعية، مشيرة إلى أن خطره يكمن في عدم الوعي بخصائصه، حيث يمنع إنتاج الطاقة في خلايا الجسم، مما يؤدي إلى تعطل الأعضاء بشكل تدريجي.
وتضيف: “المشكلة ليست في المادة نفسها، بل في كيفية التعامل معها، فالاستخدام داخل منزل مغلق قد يحولها إلى سم قاتل”.
الأعراض تسبق الموت بأيام
تظهر أعراض التسمم بالكلورفينابير بشكل خادع، حيث تشمل: إرهاق شديد، ارتفاع في درجة الحرارة، زغللة في الرؤية، غثيان أو قيء، اضطراب في ضربات القلب، صعوبة في التنفس، وفقدان تدريجي للوعي، وقد تظهر الأعراض الخطيرة لدى الأطفال خلال 48 ساعة، بينما تحتاج البالغين من 10 إلى 15 يومًا.
وأكدت “عبدالوهاب” أنه حتى الآن لا يوجد ترياق نهائي لهذه المادة، لكن هناك بروتوكولات علاجية لتخفيف الأعراض، مثل استخدام فيتامين C وB6 ومواد لتعويض الطاقة الخلوية، لكن التدخل المبكر يبقى العامل الحاسم بين الحياة والموت.
لا مكان للمبيدات في البيوت
وشددت الدكتورة رانيا عبدالوهاب على ضرورة منع الأفراد من استخدام المبيدات الزراعية داخل المنازل، مشيرة إلى أن هذا الاستخدام يجب أن يقتصر على الفنيين المتخصصين تحت إشراف دقيق.
وأضافت: “ما حدث في المنيا ليس مجرد حادث عارض، بل هو نتيجة طبيعية لغياب الوعي والرقابة، والتكرار وارد إذا استمرت الفوضى في بيع واستخدام هذه المواد”.
كيف تسرب السم إلى المنزل؟
تشير التحقيقات الأولية إلى احتمال استخدام المبيد لمكافحة حشرات منزلية، أو تخزينه داخل المنزل دون معرفة كافية، وتقوم النيابة حاليًا بالتحقيق مع الأم (الزوجة الثانية) والجد لكشف ملابسات الحادث، بعد أن أثبتت التحاليل وجود آثار المادة السامة في أجساد الضحايا.
نصائح لحماية نفسك وأسرتك
– لا تُخزن أي مبيد حشري داخل المنزل،.
– لا تستخدم المبيدات في أماكن مغلقة أو بدون تهوية جيدة،.
– استخدم معدات الحماية الشخصية عند التعامل مع أي مادة كيميائية،.
– تخلص من العبوات الفارغة بطريقة آمنة،.
– لا تترك أي مادة سامة في متناول الأطفال،.
– إذا ظهرت أعراض غريبة بعد التعرض لمبيد، توجّه فورًا إلى مركز السموم.