إجراءات فورية لحماية أسماك الحريد والشراع في البحر الأحمر: خطوات عاجلة لمنع الصيد والحفاظ على البيئة البحرية

إجراءات فورية لحماية أسماك الحريد والشراع في البحر الأحمر: خطوات عاجلة لمنع الصيد والحفاظ على البيئة البحرية

كلّف اللواء عمرو حنفي، محافظ البحر الأحمر، بتشكيل لجنة بيئية متخصصة لدراسة مقترح عاجل لحماية الأنواع البحرية من الأسماك المهددة بخطر الانقراض، ودعم التوازن البيئي في البحر الأحمر، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على هذا الإرث الطبيعي للأجيال القادمة ومنع صيدها وضمان استدامة أحد أهم المقاصد السياحية البيئية في العالم.

جاءت هذه الخطوة الرسمية استنادًا إلى شكاوى متزايدة، أطلقها عدد من المواطنين والغطاسين والعاملين في مجال السياحة البيئية، حذروا فيها من خطورة استمرار صيد أنواع بحرية مهمة، على رأسها سمك الحريد (Parrotfish) وسمك أبوشراع (Sailfish) وسمك جرم البياض (Giant Trevally)، والتي تؤدي أدوارًا بيئية جوهرية تتجاوز بكثير قيمتها التجارية المحدودة، ووفقًا لهذه المطالبات، فإن استمرار صيد سمكة الحريد يهدد الشعاب المرجانية بشكل مباشر، حيث تُعد هذه السمكة من الأنواع القليلة القادرة على تنظيف الشعاب من الطحالب التي تخنقها وتمنع نموها، ما يجعلها من الركائز البيئية الضرورية للحفاظ على صحة الشعاب، التي تعتمد عليها أنشطة الغوص والسياحة البيئية.

وتزامنًا مع هذه التحركات، أطلق عدد من الغطاسين والعاملين بمراكز الغوص في الغردقة ومرسى علم حملة توعية بيئية لوقف صيد وبيع وأكل أسماك الحريد، مؤكدين أنها من أكثر الأسماك جذبًا لهواة الغوص والتصوير تحت الماء، لما تتميز به من ألوان زاهية وسلوكيات فريدة.

وقال الغطاس محمد رضا إن سمكة الحريد أو سمكة الببغاء لا تُقدّر بثمن بيئي، موضحًا أنها تتغذى على الطحالب وتساهم في تفتيت الشعاب المرجانية الميتة، ما يساعد على تنظيف الشعاب الحية ونموها من جديد، مضيفًا أن السمكة الواحدة تنتج ما يصل إلى 320 كيلوجرامًا من الرمال البيضاء سنويًا، ما يجعلها مساهمًا مباشرًا في تشكيل الشواطئ الرملية الطبيعية.

وأكد رضا أن أعداد هذه الأسماك بدأت تنخفض سنويًا بشكل مقلق، مقابل ارتفاع مستويات انتشار الطحالب، وأن استمرار صيدها يعني المزيد من تدهور البيئة البحرية، ما يتطلب تدخلًا عاجلًا، مشددًا على ضرورة رفع شعار: «لا لصيد أسماك الببغاء، لا لشرائها، لا لأكلها»

وأكد مسؤولو جمعيات حماية بيئة البحر الأحمر أن سمكة الحريد توجد غالبًا في مجموعات صغيرة تتغذى فوق الشعاب المرجانية والصخور، ويصل طولها إلى نحو 33 سنتيمترًا، وتعيش في أعماق تتراوح بين 1 إلى 15 مترًا، موضحة أن هذه الأسماك تتسم بسلوك اجتماعي فريد، حيث تعيش في انسجام مع الأنواع الأخرى، وتصنع كيسًا من الفقاعات أثناء النوم للاحتماء من المفترسات، والأسنان الأمامية لسمكة الحريد مدمجة بشكل يشبه منقار الببغاء، وتُستخدم كأداة لكشط الطحالب من الشعاب، ما يجعلها عنصرًا بيئيًا لا يمكن تعويضه، مشددًا على أن أي تراجع في أعدادها سينعكس سلبًا على صحة الشعاب المرجانية، وبالتالي على مستقبل السياحة البيئية في البحر الأحمر.

وفي السياق نفسه، شملت المطالبات البيئية أيضًا ضرورة وقف صيد سمكة الشراع، التي تُعد من الرموز البصرية المميزة لهواة الصيد الرياضي بنظام «أمسك وأطلق»، وسمكة جرم البياض، التي تمثل عنصرًا جذبًا في العديد من رحلات الغوص والتصوير، رغم أن قيمتها في الأسواق لا تضاهي قيمتها في البيئة البحرية.

اللجنة المشكلة من قبل المحافظ ستتولى مراجعة المقترحات البيئية والتنسيق مع وزارتي البيئة والزراعة وجمعيات الصيادين لوضع آليات واضحة لمنع الصيد الجائر، وتحديد فترات الحظر، وتكثيف حملات التوعية والتثقيف للصيادين وأصحاب المطاعم ومحال الأسماك، لضمان وقف تداول هذه الأنواع خلال مواسم تكاثرها أو في المناطق المرجانية الحيوية.

وقال اللواء عمرو حنفي إن الدولة لا تدخر جهدًا في دعم أي تحرك يوازن بين حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التنمية الاقتصادية، مشيرًا إلى أن صوت المواطنين الغيورين على بيئتهم لا يمكن تجاهله، وأن حماية البحر الأحمر ليست مسؤولية الحكومة فقط، بل مسؤولية مشتركة تتطلب تضافر الجهود المجتمعية والمؤسسية، وأن هذا التحرك الجديد يعكس إدراكًا متزايدًا بقيمة البحر الأحمر البيئية والاقتصادية، ووعيًا بضرورة التعامل مع موارده الطبيعية بعقلانية تحفظ جماله وثراءه للأجيال المقبلة، وتمنع تحوّل أحد أعظم كنوز مصر الطبيعية إلى ضحية للإهمال أو الجشع قصير النظر.