
تتميز رحلة هبة عبدالعزيز، التي تنتمي إلى محافظة بني سويف، بأنها ليست عادية، فهي تجمع بين شغفها القديم بالأشغال اليدوية ورغبتها في تحويل هذه الهواية إلى مصدر دخل واستقلال، حيث نسجت «هبة» قصتها في عالم ريادة الأعمال من خيوط الأحجار الطبيعية، وأسست علامة تجارية فريدة تحت اسم «Aysin Accessories» مستلهمة من اسم ابنتها، ورغم مسؤولياتها كزوجة وأم لطفلين، انطلقت هبة في عام ٢٠١٧ بمشروعها الذي دمج بين الفن والابتكار، وقدمت تصاميم فريدة نالت إعجاب الجمهور المحلي والدولي، وسرعان ما تحولت منتجاتها إلى هدايا مميزة يسافر بها العملاء إلى خارج البلاد، مما يعكس جودة الصنعة وأصالة الفكرة، وقد اختيرت «هبة» من قبل المجلس القومي للمرأة للتدريب والمشاركة في المعارض.
شاركت هبة في مبادرات وطنية ودولية لدعم المرأة، مثل «قدوة تك» التابعة لوزارة الاتصالات و«رابحة» التابعة للأمم المتحدة، كما تم تكريمها من قبل شخصيات بارزة مثل وزير الاتصالات والهجرة ومحافظ بني سويف، تقديرًا لقصتها الملهمة، وتطمح هبة في المستقبل إلى توسيع مشروعها محليًا ودوليًا، وتكوين فريق من السيدات الشغوفات لتدريبهن ومساعدتهن على تحقيق الاستقلال الاقتصادي، مؤكدة: «نفسي كل ست تلاقى طريقها زي ما أنا لقيت طريقي»، وأشارت هبة إلى أنها انضمت إلى برنامج رابحة التابع للأمم المتحدة في عام ٢٠٢٣، حتى وصلت إلى المراحل النهائية في برنامج التدريب، وشاركت في هاكاثون رابحة وعرضت مشروعها في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، كما تخرجت في أكاديمية رائدات الأعمال بالجامعة الأمريكية، حيث اختارتها الأمم المتحدة لعرض منتجاتها في معرض العلمين في أغسطس ٢٠٢٤، وشاركت أيضًا في معارض ديارنا التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، ومعرض تراثنا ضمن جناح اليونيدو والأمم المتحدة، وتم ترشيحها لتمثيل المحافظة في معارض «أيادي مصر» التابعة لوزارة التنمية المحلية في القاهرة، أسوان، وشرم الشيخ، بحضور رئيس الوزراء ووزير التنمية المحلية والمحافظين، ومعارض بيزنس يا شباب التابعة لوزارة الشباب والرياضة.
على بُعد خطوات من قرى بني سويف، نشأت فكرة غير تقليدية داخل بيت بسيط، عندما قرر الشقيقان «ربيع وسعيد» تأسيس فرقة فنية بمشاركة أطفال عائلتهما، لإعادة تمثيل مشاهد من روائع السينما والدراما المصرية بأسلوب طفولي بريء وعفوي، مما أسر قلوب الآلاف على مواقع التواصل، حيث اختار الأخوان المشاهد بعناية وأعادا إنتاجها بأدوات بسيطة من البيئة الريفية، ليظهر الأطفال في أداء أدوار درامية بحرفية لفتت انتباه المتابعين من مصر والعالم العربي، بل وصلت أعمالهم إلى مشاهدين من أوروبا، والمحتوى الذي يقدمونه يحمل رسائل فنية وتربوية، ويعيد الجمهور إلى زمن الفن الجميل من خلال وجوه بريئة تحمل الموهبة.
قال ربيع صابر، مؤسس الفرقة، إنه هو وشقيقه أسسا الفرقة، وأن الأطفال المشاركين هم أولاده وأولاد أشقائه، وقد كان لديه بعض المعلومات عن الفن، ومن هنا جاءت فكرة تكوين الفرقة، وبدأنا في نشر أعمالنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، والتي بدأت تصل إلى الجمهور من داخل مصر ومن مختلف الدول العربية وبعض الدول الأوروبية، لبساطة الأعمال التي نقدمها.
وأكد «ربيع» أن الهدف لم يكن الشهرة بقدر ما كان دعم الأطفال الموهوبين من الأسرة، ومنحهم منصة حقيقية للتعبير عن أنفسهم، مضيفًا: «كل طفل عنده موهبة خاصة، وكل مشهد نختاره يعكس قيمة أو رسالة نحب نوصلها ببساطة»، واللافت في التجربة أن الأطفال استطاعوا الموازنة بين الدراسة والمشاركة الفنية، مستغلين الإجازات والعطلات في التصوير، وعبروا عن سعادتهم الكبيرة بانتشار أعمالهم وتفاعل الجمهور معها على فيسبوك وتيك توك.
وقالت نرمين محمود، رئيس مجلس القومي للمرأة ببني سويف: إن ما يجمع بين قصتي «هبة» وفرقة «ربيع وسعيد» ليس فقط النجاح، بل الإصرار على خلق أمل جديد من قلب محافظة لطالما كانت نموذجًا للكفاح في صعيد مصر، فبين سيدة أحيت التراث في تصميم الحلي، وأطفال أعادوا الحياة لتراث الشاشة الفضية، يثبت أبناء بني سويف أن الإبداع لا يعرف حدودًا، وأن الفن والعمل يمكن أن يتحولا إلى رسالة وواقع يغير حياة الناس.