
تحدث الدكتور يسري جبر، أحد علماء الأزهر الشريف، عن طلب النبي صلى الله عليه وسلم للسقاية يوم عرفة، مشيرًا إلى الدلالات التربوية والاجتماعية العميقة التي يحملها هذا الطلب، والتي تتعلق بمكانة المرأة في المجتمع والأسرة.
وفي حلقة برنامج «اعرف نبيك» التي بُثت على قناة الناس اليوم الجمعة، أوضح الدكتور جبر أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب السقاية من سيدنا العباس رضي الله عنه، الذي كان برفقته، حيث وجه العباس ابنه الفضل رضي الله عنه قائلاً: «اذهب إلى أمك»، ليحضر للنبي صلى الله عليه وسلم شرابًا من عندها.
كما أشار الدكتور جبر إلى أن هذا الموقف يُظهر خطأ تصور بعض الناس بأن ذكر المرأة باسمها أمام العامة يُعتبر عيبًا، إذ أن سيدنا العباس ذكر زوجته بشكل صريح أمام الناس ولم يرَ في ذلك أي حرج، بل يُعد ذلك من السلوك الطبيعي والسنة النبوية في التعامل الراقي.
وأضاف أن عبارة سيدنا العباس لابنه «اذهب إلى أمك» تُبرز أيضًا حرية المرأة في إدارة شؤون بيتها، فهي التي أحضرت الماء وأعدته، مما يدل على أن المرأة شريكة في إدارة المنزل، وهذا يعكس مكانتها الحقيقية.
وأكد أن هذه المعاني تُستخلص من قراءة متأنية للحديث، مشددًا على أن الشريعة قد كرمت المرأة ومنحتها مكانتها، سواء في الحياء السليم أو في الثقة بتولي شؤون بيتها.
كما أشار إلى أهمية فهم السنة بشكل صحيح، بعيدًا عن العادات والتقاليد التي تتعارض مع هدي النبوة، معتبرًا أن تلك المواقف النبوية تحمل الكثير من الحكمة والرحمة، وتعكس كيفية التعامل بوعي واحترام مع المرأة في جميع المواقف.
وفي سياق آخر، قال الدكتور يسري جبر إن بناء الثقة في الله سبحانه وتعالى يأتي من التأمل في لطفه الدائم بعباده منذ خلقهم وحتى انتهاء رحلتهم في هذه الدنيا وما بعدها.
وأوضح خلال الحلقة نفسها أنه عندما يتذكر الإنسان كيف أن الله لطَف به وهو في بطن أمه، وكيف رعاه في طفولته دون أن يملك شيئًا، وكيف حفظه من المخاطر دون أن يطلب، فإن هذا التأمل يعزز يقينه بأن الله هو المدبر الحكيم الذي لا يقدر للعبد إلا الخير.
وأشار إلى أن ما يُمنع عن الإنسان قد يبدو في ظاهره حرمانًا، لكنه في الواقع يُعتبر حفظًا ورحمة، فربما لو حصل على ما تمناه، لوقع في معاصٍ أو فُتحت عليه أبواب شر، مستشهدًا بالقول: «ما منعك إلا ليعطيك، وما أعطاك إلا ليمنعك».
وأكد الدكتور جبر أن هذه المعاني تُغرس في القلب محبة الله، فعندما يحب العبد ربه ويثق به، يشعر بالطمأنينة تجاه تدبيره، فتتحول حياته إلى تسليم ورضا.
وأضاف أن حب الله لا يُكتسب إلا من خلال استشعار النعم، إذ أن «ما بكم من نعمة فمن الله»، حتى إرسال الأنبياء لم يكن بطلب من الناس، بل هو فضل من الله، وكذلك وجود الأبوين والرعاية منذ اللحظة الأولى، جميعها تُعتبر من دون أي سؤال.