«المنظمة العالمية للسياحة: مصر تملك إمكانيات هائلة لتعزيز السياحة الدينية»

«المنظمة العالمية للسياحة: مصر تملك إمكانيات هائلة لتعزيز السياحة الدينية»

تتميز مصر بوجود مجموعة من أبرز المزارات السياحية الدينية في العالم، حيث تعكس فنون العمارة والحضارة القديمة، ويطمح ملايين الزوار من داخل البلاد وخارجها إلى استكشاف هذه المواقع للتعرف على التراث المعماري القديم الذي يُعتبر أحد أقدم الآثار العظيمة في مصر، وتتنوع هذه المزارات بين الديانات الثلاث: الإسلامية والمسيحية واليهودية.

تتضمن السياحة الدينية في مصر زيارة المواقع ذات الأهمية الدينية في اليهودية، المسيحية، والإسلام، ومن أبرز المواقع الإسلامية جامع الإمام الحسين في القاهرة، بالإضافة إلى مساجد تاريخية مثل مسجد ابن طولون والجامع الأزهر، وأسوار القاهرة التاريخية وقلعة صلاح الدين.

كما توجد مواقع مسيحية مهمة مثل كنيسة القديس سيرجيوس، التي لجأت إليها العائلة المقدسة أثناء تواجدها في مصر، والكنيسة المعلقة، ودير سانت كاترين، ودير القديس الأنبا أنطونيوس، ودير الأنبا بولا في البحر الأحمر، ودير السيدة العذراء المحرق، ودير درنكة في أسيوط، بالإضافة إلى العديد من الأديرة والكنائس الأثرية.

وعلى الجانب الآخر، تشمل المواقع ذات الدلالة الدينية اليهودية في مصر جبل موسى في سيناء، وكنيس بن عزرا في مصر القديمة بالقاهرة، حيث يُعتقد أن أم النبي موسى كانت تخبئه فيه خوفًا عليه من فرعون، وكنيس شعارى شمايم، وكنيس إلياهو حنابى بشارع النبي دانيال، وكنيس منشا في الإسكندرية.

وفي إطار جهود إحياء “مسار العائلة المقدسة”، نظمت غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة بالتعاون مع الكاتدرائية المرقسية بالعباسية دورة تدريبية تهدف إلى الترويج لهذا المسار كمنتج سياحي روحي فريد، مما يعكس الأهمية المتزايدة للسياحة الدينية كأحد روافد الاقتصاد السياحي، حيث تهدف الدورة إلى تأهيل الكوادر السياحية خاصة من الشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال تزويدهم بالمعرفة الدقيقة حول مراحل المسار الممتد من سيناء إلى الدلتا وصعيد مصر، بالإضافة إلى الخلفيات الدينية والتاريخية وطرق الترويج الاحترافي داخليًا وخارجيًا.

وقال نادر جرجس، منسق اللجنة الوزارية لإحياء مسار رحلة العائلة المقدسة، إن هذا المسار يمثل مشروعًا وطنيًا ذو بُعد روحاني وثقافي وإنساني، حيث يُجسد الرحلة التي قامت بها السيدة مريم العذراء والسيد المسيح عيسى عليه السلام، بصحبة يوسف النجار، والتي استمرت أكثر من ثلاث سنوات، مروا خلالها بأكثر من 25 موقعًا موزعة على 8 محافظات، شملت: الفرما، تل بسطا، سمنود، وادي النطرون، كنيسة أبو سرجة، المعادي، جبل الطير، ودير المحرق.

وأوضح جرجس أن الدولة، بالتعاون مع الكنيسة، تبذل جهودًا كبيرة لتطوير مواقع المسار، تشمل ترميم الكنائس والأديرة التاريخية، تحسين الطرق والبنية التحتية، وتعزيز التأمين للمناطق المستهدفة، وتأهيل الرهبان بلغات متعددة، وتوفير لافتات إرشادية للسياح، والتعاون مع الفاتيكان لاعتماد المسار رسميًا كأحد مسارات الحج العالمية.

وأشار إلى أن البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان السابق، اعتمد الأيقونة الرسمية لمسار العائلة المقدسة وأدرج عددًا من مواقعه ضمن كتالوج الحج المعتمد لدى الفاتيكان في عام 2018، مما يمنح المسار شرعية دينية دولية ومكانة مرموقة على خريطة السياحة الدينية العالمية.

كما أن العلاقات الوثيقة بين الفاتيكان والكنيسة، وزيارة البابا فرانسيس لمصر عام 2017، ساهمت بشكل كبير في دعم هذا المشروع الروحي وتعزيز صورة مصر كأرض مقدسة احتضنت الأديان السماوية الثلاثة.

وأكد هيثم عرفة، عضو مجلس إدارة غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة، أن “السياحة الدينية” تمثل فرصة ذهبية لتعظيم الإيرادات السياحية، حيث يجمع هذا النمط بين الاستدامة والعائد المرتفع وعمق التأثير الإنساني والثقافي، مشيرًا إلى أن رحلة مسار العائلة المقدسة تُعد من أهم المشروعات القادرة على جذب شرائح جديدة من السياح الروحيين، وتعزيز الهوية القبطية المصرية عالميًا، وتنمية المجتمعات المحيطة بالمواقع الأثرية، مما يساهم في تعزيز موارد الدولة من النقد الأجنبي بما لا يقل عن 3 مليارات دولار سنويًا.

وتُظهر تقارير منظمة السياحة العالمية أن مصر مؤهلة بقوة للاستفادة من هذا النوع من السياحة، حيث تشير البيانات إلى أن 27% من إجمالي عدد السائحين عالميًا (1.4 مليار شخص) يندرج تحت فئة السياحة الدينية.

وأكد عضو مجلس إدارة غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة أن مسار العائلة المقدسة هو رسالة حب وسلام من أرض مصر إلى الإنسانية، تعكس روح التعددية والتسامح، وتُعيد إحياء جذور التواصل الحضاري والديني، وتؤسس لمنتج سياحي فريد ومستدام يضع مصر في قلب خريطة السياحة الروحية العالمية.

وشهدت الدورة مشاركة فعالة من خلال كلمات مؤثرة تناولت أهمية وتاريخ مسار العائلة المقدسة، وكيفية استغلاله سياحيًا، ألقاها عدد من الأكاديميين مثل الدكتور إسحاق إبراهيم عجبان، والدكتورة مارى ميساك كيبليان، والدكتور سامح جمال سعد سليمان، والدكتورة سهى عبد الوهاب.

يضم مسار رحلة العائلة المقدسة 25 نقطة تمتد لمسافة 3500 ذهابًا وإيابًا من سيناء حتى أسيوط، حيث يحتوي كل موقع حلت به العائلة على مجموعة من الآثار في صورة كنائس أو أديرة أو آبار مياه، بالإضافة إلى مجموعة من الأيقونات القبطية الدالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع، وفقًا لما أقرّته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر.

بدأت رحلة دخول العائلة المقدسة من رفح في الشمال الشرقي للبلاد، مرورًا بالفرما شرق بورسعيد، وإقليم الدلتا عند سخا بكفر الشيخ، وتل بسطا بالشرقية، وسمنود بالغربية، ثم انتقلت إلى وادي النطرون في الصحراء الغربية حيث أديرة الأنبا بيشوى والسيدة العذراء “السريان”، والبراموس، والقديس أبو مقار.

ثم اتجهت بعد ذلك إلى منطقة مسطرد والمطرية حيث توجد شجرة مريم، ثم كنيسة زويلة بالقاهرة الفاطمية، ثم مناطق مصر القديمة عند كنيسة أبو سرجة في وسط مجمع الأديان، ومنها إلى كنيسة المعادي وهي نقطة عبور العائلة المقدسة لنهر النيل، حيث ظهرت صفحة الكتاب المقدس على سطح المياه مشيرة إلى المقولة الشهيرة “مبارك شعبي مصر”، وصولًا إلى المنيا حيث جبل الطير، ثم أسيوط حيث يوجد دير المحرق الذي دُشنت فيه أول كنيسة بيد السيد المسيح، ثم انتقلت إلى مغارة درنكة، ثم العودة مجددًا إلى أرض الموطن عند بيت لحم.