
أعلن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عن التزامه بمتابعة أحدث التقارير التي تصدرها المؤسسات الدولية ووكالات التصنيف العالمية المتعلقة بمصر، حيث يسعى المركز إلى تحليل هذه التقارير ودراستها كجزء من استراتيجيته في إجراء بحوث ودراسات السياسات العامة وتقديم التوصيات في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، معتمدًا على منهجيات علمية وتقارير دولية، حيث يمد دوائر صنع القرار بأحدث الإحصاءات والبيانات والدراسات، ويستمر في العمل على تحسين وضع مصر في المؤشرات الدولية.
في هذا السياق، استعرض المركز تقرير وكالة فيتش الأمريكية حول صناعة السيارات في مصر، والذي أشار إلى أن هناك زيادة في استثمارات مصنعي المعدات الأصلية (OEMs) في توسيع إنتاج السيارات المحلية خلال السنوات الأخيرة، حيث تعتقد فيتش أن هذا الاتجاه مدفوع بسياسات حكومية داعمة للقطاع، بالإضافة إلى تزايد الاستقرار الاقتصادي الكلي.
وذكر تقرير الوكالة أن مجلس الوزراء قد وافق في مايو ٢٠٢٥ على برنامج جديد لحوافز إنتاج السيارات، والذي يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية لصناعة السيارات، حيث يهدف البرنامج إلى تعزيز الإنتاج المحلي من خلال رفع نسبة المكون المحلي إلى ٦٠٪ بدلًا من ٤٥٪، كما تسعى السياسة إلى زيادة الطاقة الإنتاجية الإجمالية لتتجاوز ٤٠٠,٠٠٠ وحدة سنويًا، مع تصدير نحو ربع هذا الإنتاج عبر تقديم حوافز للشركات المصدرة، ورغم النظرة المتفائلة لهذا القطاع، إلا أنه من المتوقع أن يتطلب تحقيق هذا الهدف الاستثماري بحلول عام ٢٠٣٠ ضخ استثمارات كبيرة.
علاوة على ذلك، تشير فيتش إلى أن استمرار استقرار البيئة الاقتصادية الكلية خلال عام ٢٠٢٤ سيدعم أيضًا تدفق الاستثمارات إلى مصر، ومن المتوقع أن يسهم انخفاض تقلبات العملة وتراجع معدلات التضخم في تعزيز الاستثمار بقطاع السيارات، من خلال توفير قدر أكبر من اليقين للمصنعين.
وأكد مركز المعلومات أن فيتش تعتقد بأن مصر أصبحت سوقًا أكثر جاذبية لتجميع السيارات، مدفوعة بسياسات صناعية قوية تتبناها الدولة، حيث تستمر عدة شركات مصنعة عريقة مثل ستيلانتس، ونيسان، وجنرال موتورز في الاستثمار في الإنتاج المحلي بمصر، مستفيدة من هذا الدعم الحكومي.
وتتوقع فيتش أن تصبح مصر سوقًا متزايدة الجاذبية لشركات صناعة السيارات الصينية الراغبة في التصدير لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأوسع.
كما تشير فيتش إلى أن عدة شركات مصنعة أعلنت عن خطط لتعزيز الإنتاج المحلي في مصر، وذلك عقب إطلاق الحكومة لاستراتيجيتها الوطنية لصناعة السيارات في عام ٢٠٢٢.
وفي تقارير فيتش الفصلية حول الاستثمارات المرتبطة بإنتاج السيارات، استحوذت مصر على أكبر عدد من الاستثمارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال عام ٢٠٢٤، حيث تم الإعلان عن ١٤ مشروعًا في السوق المصرية، ما يمثل نحو ٢٨٪ من إجمالي المشروعات الاستثمارية التي تم تتبعها ضمن مراجعتها، وجاءت المغرب في المرتبة التالية مباشرة، بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي وسياساتها الحكومية الداعمة أيضًا.
ومن أبرز المشاريع في مصر، الشراكة المعلنة بين شركة ((BAIC الصينية المتخصصة في السيارات الكهربائية وشركة ألكان أوتو لإنشاء مصنع محلي لتجميع السيارات الكهربائية بطاقة إنتاجية أولية تبلغ ٢٠,٠٠٠ وحدة سنويًا.
كما أعلنت نيسان عن عزمها زيادة استثماراتها في الإنتاج المحلي في مصر، لتصل الطاقة الإنتاجية السنوية إلى ٣٠,٠٠٠ وحدة بحلول عام ٢٠٢٥، بالإضافة إلى ذلك، أعلنت العلامة المحلية النصر في نوفمبر ٢٠٢٤ عن خطط لاستئناف إنتاج الحافلات والحافلات الكهربائية الصغيرة بعد توقف دام ١٥ عامًا، واعتبارًا من الربع الأول من عام ٢٠٢٥، أعلنت الشركة عن زيادة استثماراتها لتوسيع إنتاج سيارات الركاب بطاقة إنتاجية سنوية تبلغ ٢٠,٠٠٠ وحدة.
وخلال فترة التوقعات الطويلة الممتدة حتى عام ٢٠٣٤، يُتوقع أن يشهد قطاع إنتاج السيارات في مصر توسعًا كبيرًا مدفوعًا بزيادة استثمارات مصنعي المعدات الأصلية، حيث تسعى الحكومة إلى الاستفادة من الموقع الاستراتيجي للبلاد كبوابة إلى إفريقيا والشرق الأوسط، مما يوفر فرصًا تصديرية كبيرة، وهو ما يشكل دافعًا رئيسًا لاستثمارات شركات السيارات الصينية.
وأكدت فيتش أن التزام الحكومة المصرية بتعزيز القطاع من خلال دعم السيارات الكهربائية وتطوير البنية التحتية الخاصة بها سيدفع عجلة النمو طويل الأمد، ومن المنتظر أن تسهم الشراكات بين المصنعين المحليين والشركات العالمية في نقل التكنولوجيا، وتطوير المهارات، وتعزيز القدرات الإنتاجية، مما يضع مصر في موقع محوري في السوق الإقليمية للسيارات.
ومع ذلك، تظل هناك تحديات كبيرة تعترض تطوير الإنتاج المحلي، حيث أشارت فيتش إلى أن تطوير صناعة المكونات محليًا وزيادة معدلات التصنيع المحلي سيتطلب استثمارات كبيرة أيضًا في التدريب الفني.
ومن ناحية أخرى، قد يوفر التحول نحو تكنولوجيا السيارات الكهربائية فرصة للشركات المحلية لتعزيز حصتها السوقية على المدى الطويل.
وستواجه مصر منافسة من أسواق شمال إفريقيا الأخرى، بما في ذلك المغرب والجزائر، في جذب استثمارات الشركات المصنعة للمعدات الأصلية، حيث يُعد المغرب حاليًا المنتج الأكبر في المنطقة من حيث حجم الإنتاج، غير أن الأسواق الثلاثة ستواصل التنافس في هذا المجال، خاصة في ظل تقارب المزايا الجغرافية بالقرب من أوروبا، وقوة السياسات الصناعية التي تعتمدها كل دولة.