
استعرض مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أبرز التوقعات العالمية المتعلقة بالمعادن النادرة، حيث استند إلى تقرير «الوكالة الدولية للطاقة» (IEA) الذي أوضح أن العام الماضي شهد استمرارًا قويًّا في زيادة الطلب على المعادن الأساسية للطاقة، فقد ارتفع الطلب على الليثيوم بنسبة ٣٠٪، وهو ما يتجاوز بكثير متوسط معدل النمو السنوي في العقد الماضي الذي بلغ ١٠٪، كما ارتفعت الطلبات على النيكل والكوبالت والجرافيت والعناصر الأرضية النادرة بنسب تتراوح بين ٦٪ و٨٪، وذلك بفضل الاستخدامات المتزايدة في السيارات الكهربائية، وتخزين البطاريات، والطاقة المتجددة، وشبكات الكهرباء.
وأشار المركز إلى أن التقرير أفاد بأن النحاس كان له النصيب الأكبر من الطلب نتيجة لتوسع الاستثمارات في شبكات الطاقة في الصين، ورغم هذا النمو، فإن التوسع الكبير في المعروض، خصوصًا من الصين وإندونيسيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، أدى إلى تراجع الأسعار، حيث انخفضت أسعار الليثيوم بأكثر من ٨٠٪ منذ عام ٢٠٢٣، وتراجعت أسعار الجرافيت والكوبالت والنيكل بنسبة تتراوح بين ١٠٪ و٢٠٪.
وعلى الرغم من التوقعات الإيجابية للطلب المستقبلي، إلا أن القرارات الاستثمارية تواجه غموضًا اقتصاديًّا ملحوظًا، حيث تباطأت الاستثمارات الجديدة إلى ٥٪ فقط في عام ٢٠٢٤ مقارنة بـ ١٤٪ في عام ٢٠٢٣، وانخفض النمو الحقيقي إلى ٢٪ فقط بعد احتساب التضخم، كما استقرت أنشطة الاستكشاف بعد نمو متصاعد منذ عام ٢٠٢٠، باستثناء الليثيوم واليورانيوم والنحاس.
وفي المقابل، أظهرت المعادن الحرجة تركيزًا جغرافيًّا عاليًا، خاصة في مجالات التكرير، حيث سيطرت الدول الثلاث الكبرى على ٨٦٪ من الإنتاج المكرر في عام ٢٠٢٤، مقارنة بـ ٨٢٪ في عام ٢٠٢٠، مع هيمنة الصين على الكوبالت والجرافيت والعناصر الأرضية النادرة، وإندونيسيا على النيكل.
كما أشار المركز إلى أن التقديرات تتوقع أن يكون التنويع في سلاسل التكرير بطيئًا حتى عام ٢٠٣٥، وفي مجال التعدين، شهد الإنتاج نموًا من منتجين قائمين مثل الصين وإندونيسيا والكونغو، بينما برزت الأرجنتين وزيمبابوي كمصادر جديدة لليثيوم، وبالنسبة للتوازن بين العرض والطلب، فرغم تحسين التوقعات لبعض المعادن، إلا أن الفجوات بين العرض والطلب لا تزال متوقعة في النحاس والليثيوم، إذ يُتوقع حدوث عجز في عرض النحاس يصل إلى ٣٠٪ بحلول عام ٢٠٣٥، نتيجة لتراجع جودة الخام وارتفاع التكاليف ونقص الاكتشافات.
وأشار التقرير إلى أنه مع تزايد القيود على التصدير، أصبحت مخاطر الإمدادات أكثر حدة، فقد فرضت الصين في ديسمبر ٢٠٢٤ قيودًا على تصدير معادن حيوية مثل الجاليوم والجرمانيوم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتبعتها قيود إضافية في عام ٢٠٢٥، كما علّقت الكونغو صادرات الكوبالت لأربعة أشهر، ويظهر التقرير أن الإمدادات من خارج المنتجين الكبار لن تلبى سوى نصف الطلب العالمي المتوقع لبعض المعادن بحلول عام ٢٠٣٥، مما يجعل الأسواق عرضة لصدمات الإمداد.
وبناءً على ذلك، أوصى التقرير بسياسات تدعم التنويع من خلال التمويل العام وآليات لتقليل تقلب الأسعار، كما شدد على أهمية التعاون الدولي لربط الدول الغنية بالموارد مثل الدول الإفريقية التي تمتلك ربع احتياطيات الجرافيت مع الدول ذات القدرات المتقدمة في التكرير والتصنيع كالولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية.
كما أبرز التقرير دور التقنيات الجديدة في تغيير مشهد التعدين والتكرير، مثل الاستخلاص المباشر لليثيوم، وإعادة تدوير البطاريات، وتوظيف الذكاء الاصطناعي في عمليات الاستكشاف، مشيرًا في ختامه إلى أن برامج الاستدامة باتت أكثر اتساعًا، لكن ما تزال مؤشرات السلامة الاجتماعية متباطئة، داعيًا إلى تعزيز التتبع والاستدامة في سلاسل التوريد العالمية للمعادن الحرجة.