اكتشف جمال طيور محمية وادي الجمال: ملاذ الطبيعة الساحر

اكتشف جمال طيور محمية وادي الجمال: ملاذ الطبيعة الساحر

في قلب الجنوب الساحر لمدينة مرسى علم، تمتد محمية وادي الجمال كواحدة من أغنى المحميات الطبيعية في مصر بالتنوع البيولوجي، حيث تضم شعاب مرجانية وكائنات بحرية نادرة، وتحتضن أيضًا عالمًا بريًا مذهلًا يتصدره الطيور المهاجرة والمقيمة، التي تحول سماء وجبال المحمية إلى مسرح دائم للحركة والحياة.

ومن الأمور التي تعزز أهمية هذا الإرث البيئي هي الجهود العلمية المستمرة من باحثي البيئة بالمحمية، وخاصة ما يقوم به الباحث البيئي إبراهيم سعد، الذي يُعتبر من أبرز المتخصصين في رصد الحياة البرية بالبحر الأحمر، حيث خصص سنوات من العمل الميداني في أعماق محمية وادي الجمال لرصد وتوثيق أنواع الطيور، وتصويرها في بيئاتها الطبيعية، وتسجيل سلوكها وهجراتها الموسمية.

بكاميرته الاحترافية وعدسته الدقيقة، يتجول الباحث إبراهيم سعد بين جبال وشواطئ وسهول المحمية، ليس فقط كهاوٍ أو عاشق للطبيعة، بل كباحث يسجل بيانات دقيقة عن كل نوع يصادفه، وقد نجح خلال الشهور الأخيرة في توثيق العشرات من أنواع الطيور، بعضها نادر، وبعضها عابر ضمن مسارات الهجرة السنوية من أوروبا إلى إفريقيا.

ويقول الباحث البيئي إبراهيم سعد: «الطيور في وادي الجمال تمثل كنزًا بيئيًا حقيقيًا، هناك أنواع مقيمة تتكاثر هنا طوال العام مثل العقاب النساري، والغراب النوحى، والبلشون الأبيض، إلى جانب الطيور المهاجرة مثل الصقر العابر، والوروار، والسبد الأوروبي، واللقلق الأبيض التي تمر بالمحمية خلال مواسم محددة في الربيع والخريف»

ويؤكد أن بعض المشاهد التي وثقها بكاميرته، مثل تغذية الصقور على السهول الحجرية، أو تحليق البوم الصحراوي بين الشعاب الصخرية، تمثل لحظات نادرة يصعب تكرارها، خاصة في ظل التغيرات المناخية والتوسع البشري.

وتتمتع محمية وادي الجمال بمزيج فريد من التضاريس، تشمل السهول والجبال والشواطئ والوديان ومصبات أودية السيول الجافة، وهو ما يخلق بيئة مثالية لعيش أنواع عديدة من الطيور، حيث تجد فيها الغذاء والماء والمأوى الآمن، كما تُعد أشجار المانجروف على الشواطئ، والواحات الصغيرة، والمستنقعات الموسمية، نقاط جذب للطيور المائية والبرية على حد سواء، مما يجعل وادي الجمال نقطة توقف مهمة في مسار الطيور المهاجرة، وأضاف الباحث البيئي: «المحمية أشبه بمحطة استراحة للطيور، خاصة تلك التي تعبر مسافات طويلة، ومن الضروري الحفاظ على هذه المحطات لضمان استمرار المسارات الطبيعية للهجرة، والتي تُعد مؤشرًا حساسًا على صحة النظم البيئية»

ورغم الطبيعة البكر للمحمية، فإن إبراهيم سعد يُحذر من بعض التهديدات التي تواجه الطيور، مثل الأنشطة البشرية غير المنظمة، مشددًا على أهمية التوعية المجتمعية والرقابة البيئية المستمرة.

وطالب بتكثيف الدعم للمبادرات المحلية لرصد التنوع البيولوجي، وتدريب الشباب على توثيق الحياة البرية، قائلًا: «توثيق الطيور ليس ترفًا علميًا، بل هو ضرورة لحماية إرثنا الطبيعي، وتعزيز السياحة البيئية، وجذب المهتمين من كل أنحاء العالم لرؤية هذه العجائب الحية»

ولم تتوقف جهود الباحث البيئي إبراهيم سعد عند الرصد والتصوير، بل يعمل حاليًا على إعداد سجل علمي تفصيلي بالأنواع التي وثقها، مرفقًا بصور عالية الجودة وملاحظات سلوكية ومواقع الرصد الجغرافية، ليكون مرجعًا للباحثين والطلاب والمهتمين بالحياة البرية في مصر والشرق الأوسط، وإرثًا علميًا للأجيال القادمة.

وإن ما تشهده محمية وادي الجمال من تنوع في الطيور يعكس غنى الطبيعة المصرية وثراء البحر الأحمر البيئي، ويضع على عاتق الجميع مسؤولية حماية هذه الكنوز، وتوثيقها، والاحتفاء بها كجزء من الهوية الوطنية والطبيعة العالمية.