
أوضح الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن الإفتاء ليس مجرد رأي يُطلق بشكل عابر، بل هو علم متراكم يمتد عبر الأجيال منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث يدرسه المتخصصون بعمق وفهم شامل للقرآن والسنة والتفسير والحديث واللغة، بالإضافة إلى إدراك ظروف المستفتي والمفتي والفتوى نفسها.
وخلال حلقة برنامج «لعلهم يفقهون» التي تُبث على قناة «dmc» اليوم الثلاثاء، أشار الجندي إلى أن المفتي عندما يتلقى السؤال، يقوم أولاً بعرضه على خمس قواعد أساسية تُعرف بـ«المقاصد الشرعية»، التي تشمل: حفظ الدين، وحفظ العقل، وحفظ العرض، وحفظ المال، وحفظ النفس، مؤكدًا أن هذه المقاصد تمثل دستورًا لا يجوز المساس به أو التعدي عليه
كما تابع الجندي قائلاً: «بعد مراجعة المقاصد، ينتقل المفتي إلى تقييم المسألة من خلال ما يُعرف بـ«المصالح»، والتي تنقسم إلى ثلاثة أنواع: مصالح ضرورية، وحاجية، وتحسينية، وتختلف وفقًا لظروف السائل
وأشار الجندي إلى أن اختلاف الأشخاص يؤدي بطبيعة الحال إلى اختلاف الحكم، مستشهداً بمثال يتضمن ثلاثة سائلين يطلبون قرضًا لأسباب متنوعة: أحدهم يحتاجه لعلاج ابنته المريضة (مصلحة ضرورية)، والثاني لتحديث سيارته (مصلحة تحسينية)، والثالث لشراء شقة أوسع (مصلحة حاجية)، موضحًا أن «الحكم لا يمكن أن يكون موحدًا للجميع»
وأكد الجندي أن المفتي يقوم بإجراء خمسة عشر تصورًا ذهنيًا في كل فتوى، حيث يتم ذلك من خلال المزج بين المقاصد الخمسة والمصالح الثلاثة، ويتم هذا التقدير في لحظة خاطفة بفضل التدريب والمعرفة، تمامًا كما يتخذ الطبيب قراره في جزء من الثانية.