ندوة مميزة بوزارة الثقافة: كيف تعكس الموسيقى هويتنا الثقافية في قاعة الموسيقى بدار الكتب

ندوة مميزة بوزارة الثقافة: كيف تعكس الموسيقى هويتنا الثقافية في قاعة الموسيقى بدار الكتب

أشارت الدكتورة عفاف طلبة، أستاذ البيانو بمعهد الكونسرفتوار بأكاديمية الفنون، إلى أن الموسيقى تعتبر أحد أشكال التعبير الإنساني، مؤكدة أنها أصبحت ضرورة حيوية ينبغي على جميع الدول توفيرها لكل أفراد المجتمع، خاصة في بلادنا التي تسعى نحو التنمية والتقدم.

الموسيقى جزء مهم من الثقافة والهوية الوطنية

وأوضحت أن الموسيقى التقليدية تمثل جزءًا أساسيًا من الثقافة والهوية، مما يستدعي الدفاع عنها، لأننا نحمي تاريخًا ساهم في تشكيل هويتنا عبر الزمن، مشددة على أن الصراع حول الإرث الموسيقي هو صراع على الهوية والانتماء، والحفاظ عليه لا يقل أهمية عن الحفاظ على الأرض والحدود الجغرافية، خصوصًا في ظل العولمة التي أصبحت جزءًا من حياتنا اليومية.

مبادرة (تراثك ميراثك) لوزارة الثقافة

وخلال فعاليات المبادرة الثقافية (تراثك ميراثك)، التي أطلقتها وزارة الثقافة في ندوة بعنوان (الموسيقى مرآة الهوية) بقاعة الموسيقى بدار الكتب تحت إشراف مس رشا أحمد، مدير القاعة، وبحضور محمد كمال، مدير خدمات القراء، ومجموعة من المهتمين والفنانين والشخصيات العامة، أكدت طلبة أن التقدم التكنولوجي وانتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي قد أفرز أنماطًا جديدة نتيجة تداخل الثقافات، وهذه الأنماط شكلت هويات جديدة، خاصة لدى الأجيال الشابة، ولكن ينبغي علينا ألا ننظر إلى هذه التأثيرات كمحو للهوية الثقافية، بل يمكن أن تكون إضافة جديدة وعناصر تجذب الشباب للتعبير عن أنفسهم بطرق مبتكرة.

أقيمت الندوة برعاية الدكتور أحمد هنو، وزير الثقافة، وبحضور رئيس دار الكتب والوثائق القومية، الدكتور أسامة طلعت، بالإضافة إلى الفنانة التشكيلية نجلاء السنارى، والفنانة آلاء الرفاعي، والشيخ والمنشد الديني طه الإسكندارني، نجل المبتهل والمنشد الديني الشيخ إبراهيم الإسكندارني، مع مجموعة من تلاميذه من معهد الإنشاد الديني، مثل محمد عيد، ويُسر خالد، وحسن فراج، وبمشاركة مروة يحيى، مدير مركز رامتان الثقافي (متحف طه حسين)، والشاعر عبد العليم، والشاعرة رانيا صلاح، ومحمود هنداوي، مايسترو قصر ثقافة الزقازيق للإنشاد الديني ومدير العلاقات العامة بجامعة الأزهر الشريف، بالإضافة إلى عدد كبير من المهتمين بالموسيقى والتراث.

عرض تواشيح دينية وعزف على البيانو وآلة القانون

تضمنت الندوة مجموعة من التواشيح الدينية التي تعكس التراث الديني، كما شارك فيها طلاب من معهد الكونسرفتوار بقسم البيانو بدار الأوبرا المصرية، ومنهم الطالب يوسف علي عبد القادر الذي عزف على آلة القانون مقدمة ألف ليلة وليلة لأم كلثوم، وعلى الأورغ مقطوعة 100 سنة سينما لعمر خيرت.

وشددت على أنه رغم هذا التأثير، يجب الحذر من الذوبان في ثقافة الآخر، ورغم أن الموسيقى تساهم في بناء هويات ثقافية جديدة، إلا أن الموسيقى التقليدية تبقى جزءًا لا يتجزأ من تراث كل شعب، كما عرضت نماذج مختلفة من الآلات التقليدية والموسيقى التي تعكس هويات متنوعة، مثل الهوية الدينية (النقشبندي مولاى إن ببابك) والهوية الوطنية (وقف الخلق لأم كلثوم)، وألوان من التراث الشعبي باستخدام الآلات الشعبية المميزة، مثل الربابة لمغنيين شعبيين مثل بدرية السيد ومحمد طه، كما تطرقت إلى لون من ألوان الفن الشعبي التراثي، وهو السيرة الهلالية، وعرضت بعض نماذج من الموسيقى التراثية، مثل الموشحات والطقطوقة والمونولوج والموال الشعبي، بالإضافة إلى نماذج من موسيقى الزمن الجميل الخالدة لكبار المغنين والملحنين مثل أم كلثوم وعبد الحليم وبليغ حمدي ورياض السنباطي والقصبجي، الذين اجتمعوا على هدف واحد، وهو الحفاظ على الهوية الموسيقية المصرية، حيث كانت المقدمات الموسيقية لأعمالهم الغنائية طويلة وممتعة، مما زاد من ذائقة المستمع المصري للموسيقى الخالصة، كما تحدثت أيضًا عن بعض الموسيقيين المعاصرين الذين استخدموا آلات موسيقية غربية وأساليب من التأليف الموسيقي المعاصر لتطعيم ألحان مصرية، مما أضاف ثراءً إلى الموسيقى المصرية على الساحة العالمية، مثل عمار الشريعي وعمر خيرت، كما ذكرت أن الأغاني الوطنية تعد مكونًا وموروثًا ثقافيًا حاضرًا مع كل الأحداث التي مرت بها مصر، ولها دور مهم في ترسيخ الهوية الوطنية لدى المجتمع، وتعتبر سلاحًا معنويًا كبيرًا لمواجهة الغزاة وتعزيز الانتماء، وقد أعطت نموذجًا لآلة تراثية هامة، وهي آلة السمسمية، التي سميت بآلة المقاومة لدورها الكبير في تأجيج مشاعر الوطنية في مدن القناة، كما أوضحت أيضًا أن في أوروبا توجد أنواع من الموسيقى تعرف بموسيقى الأقليات، التي تعكس هويتهم وكان لها تأثير كبير في ظهور مدارس وأشكال وأساليب مختلفة.

مثل موسيقى الغجر، وهم مجموعة عانت كثيرًا من الاضطهاد والتمييز العنصري، نزحت من شمال الهند إلى دول أوروبا، وقد لعبت هذه الموسيقى دورًا كبيرًا ومؤثرًا في تطوير المشهد الموسيقي في العديد من الدول، وكانت مصدر إلهام للعديد من المؤلفين الموسيقيين الأوروبيين، مثل مقطوعة Austrias للمؤلف الموسيقي الإسباني إسحاق البينز، ومقطوعة Hungarian Dance للمؤلف الموسيقي الألماني يوهان برامز، واختتمت الندوة بتأكيدها على أن الموسيقى تؤرخ للإنسان، غير مكتفية بالحدود الجغرافية، بل تعمل على تأريخ ما يغفله التاريخ، فليس بالكلام وحده يكتب التاريخ، بل الفنون والموسيقى تستطيع أن توثق ما لا يستطيع المؤرخ تدوينه.