الموت الغامض يعود: المبيد القاتل يثير الرعب في دلجا كما حدث في باكستان قبل 9 سنوات

الموت الغامض يعود: المبيد القاتل يثير الرعب في دلجا كما حدث في باكستان قبل 9 سنوات

على الرغم من المسافة الكبيرة التي تفصل بين قرية «دلجا» في مركز ديرمواس جنوب غرب محافظة المنيا وإقليم البنجاب الباكستاني، والتي تتجاوز 5600 كيلومتر، إلا أن حادثتين نادرتين وقعتا بفارق تسع سنوات أعادت اسم المنطقتين إلى الأضواء تحت عنوان «الموت الغامض».

في دلجا، فقدت أسرة واحدة سبعة من أفرادها في غضون أسبوعين، وكان من بينهم ستة أطفال أشقاء، حيث توفي الأب في يوم الجمعة 25 يوليو الجاري، وسط ظروف غامضة ووجود شكوك طبية حول أسباب الوفاة التي بدت غير معتادة.

الوالد آخر ضحايا أسرة دلجا.

الدكتور محمد إسماعيل حافظ، أستاذ علم السموم الإكلينيكية بكلية طب جامعة المنيا واستشاري علاج التسمم بالمستشفى الجامعي ووزارة الصحة، كان من بين الذين تابعوا الحالات عن كثب، وأكد أن الأعراض التي ظهرت على الأطفال والأب كانت غير تقليدية، مما دفع الفريق الطبي لاستبعاد فرضيات التسمم المعروفة، مثل التسمم عبر البلع أو الاستنشاق أو الجلد، خاصة مع سرعة تدهور الحالات وظهور الأعراض بشكل غير متزامن.

وأضاف أن الواقعة شكلت تحديًا للمجتمع الطبي، مما دفعه للتواصل مع زملاء من جامعات أخرى مثل عين شمس والإسكندرية، وذكر أن إحدى الأستاذات في جامعة الإسكندرية ذكرته بحالة مشابهة حدثت في إحدى قرى البحيرة قبل عامين، عندما نُقل مزارع إلى المستشفى بعد تناوله مبيدًا حشريًا بغرض الانتحار، وكانت أعراضه مشابهة لما شهدته حالات المنيا.

وبحسب الدكتور محمد إسماعيل، فإن المبيد الذي استُخدم في تلك الواقعة كان نوعًا حديثًا وغير تقليدي، يُعرف علميًا باسم «الكلورفينابير»، وهو يختلف تمامًا عن المبيدات الفسفورية العضوية المعتادة في المجال الزراعي.

وأوضح أن تحليل الأشعة المقطعية على مخ الأب المتوفي أظهر تلفًا في الخلايا العصبية، وهو أثر معروف لهذا المبيد وفقًا لما ورد في الدوريات الطبية المتخصصة، وبناءً عليه، رجح الفريق الطبي أن يكون سبب الوفيات في دلجا هو التعرض لمادة الكلورفينابير، رغم عدم توفر تحليل معملي مباشر يثبت وجودها في الجسم، ولا وجود ترياق مضاد لها.

وأشار إلى أن هذه المادة نادرة الاستخدام، والإصابة بها موثقة في حالات قليلة جدًا على مستوى العالم، لدرجة أننا لا نجد في الأبحاث عن وفيات جماعية من تلك المادة إلا حادثة وقعت في باكستان عام 2016، حيث توفي 33 شخصًا وأصيب 13 آخرون في إقليم البنجاب بعد تناولهم حلويات ملوثة بالمبيد ذاته، نتيجة نقل منتجات من متجر مبيدات إلى محل حلويات مجاور خلال أعمال ترميم.