
في السادس والعشرين من يوليو، تستعيد مصر ذكرى مهمة في تاريخها الحديث، لحظة تجسد فيها الكلمة كسلاح، والإرادة كراية، والكرامة كمبدأ لا يُساوم عليه.
اليوم، نحتفل بالذكرى التاسعة والستين لتأميم قناة السويس، وهو حدث لم يكن مجرد قرار اقتصادي أو سياسي، بل كان بمثابة إعلان واضح عن عودة مصر لأبنائها، وأن السيادة تُنتزع وليس تُمنح.
في مثل هذا اليوم من عام 1956، وقف الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وسط الجماهير في ميدان المنشية بالإسكندرية، ليُعلن قراره التاريخي الذي هزّ العالم، مُعلنًا أن قناة السويس أصبحت ملكًا لمصر، وستظل كذلك إلى الأبد.
تحتفل مصر في السادس والعشرين من يوليو بهذا اليوم التاريخي الذي استعادت فيه قناتها، وأثبتت قدرتها على إدارة وتشغيل وصيانة قناة السويس بسواعد أبنائها.
إنها ذكرى تحمل الكثير من الدلالات والدروس، فلم تغفل الحكومة المصرية، بعد ثورة يوليو، أهمية قناة السويس الاقتصادية لمصر والعالم، لذلك استشعر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر النفوذ الأجنبي الذي عانت منه مصر طويلًا، وأدرك أن هناك خططًا تُحاك لمد الامتياز وتدويل القناة، فقرر اتخاذ قرار التأميم عندما تحين اللحظة المناسبة.
اتخذ الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قرار تأميم قناة السويس في 21 يوليو 1956م، الموافق 13 ذي الحجة سنة 1375هـ، وحرص الزعيم على تحقيق السرية التامة، لذا لم يُعلن عن القرار إلا بعد استدعائه المهندس محمود يونس، رئيس الهيئة العامة للبترول آنذاك، في 24 يوليو 1956م، ليبلغه بعزمه على تأميم قناة السويس، وأنه سيصدر القرار مساء يوم 26 يوليو، وقد أمهله 55 ساعة لتنفيذ عملية التأميم.
فاجأ الرئيس الراحل جمال عبدالناصر العالم في مساء يوم 26 يوليو 1956م بالإسكندرية، بتأميم قناة السويس نهائيًا، في واحد من أشهر خطاباته، حيث أنهى كلمته بالقول: «والآن، وأنا أتكلم إليكم.. يتجه إخوة لكم من أبناء مصر ليديروا شركة القنال، ويقوموا بعمل شركة القنال، الآن.. دلوقت.. سيتسلموا شركة القنال.. شركة القنال المصرية.. مش شركة القنال الأجنبية.. قاموا دلوقت ليتسلموا شركة القنال، ومرافق شركة القنال.. ويديروا الملاحة في القنال.. القنال اللي يتبع في أرض مصر، واللي بتخترق أرض مصر، واللي هي جزء من مصر، وحق من حقوق مصر»
تعرضت مصر بعد قرار التأميم لهجمة استعمارية شرسة بدأت بمحاولة إفشال العمل بقناة السويس، حيث انسحب المرشدون والفنيون الأجانب الذين يعملون في القناة لتعطيل الملاحة وعرقلة العمل، لكن مصر أثبتت عكس ذلك، وتمكنت من تشغيل القناة بإدارة مصرية، مما تحول إلى ملحمة بطولية بفضل الإدارة المصرية التي كانت قد أعدت العدة، وعززت جهاز الإرشاد لديها بعناصر جديدة من البحرية المصرية.