استمتع بعرض تفاعلي حي في «مسرح الجيب» يسلط الضوء على طقوس التحنيط في مصر القديمة

استمتع بعرض تفاعلي حي في «مسرح الجيب» يسلط الضوء على طقوس التحنيط في مصر القديمة

في حدث فريد من نوعه، استضاف مسرح الجيب بالزمالك أول عرض مسرحي تفاعلي حي في مصر بعنوان «رحلة الخلود: طقس التحنيط في مصر القديمة»، والذي استمر لمدة تقارب الساعتين، حيث حضره جمهور كبير مهتم بالحضارة المصرية القديمة، وقد جمع العرض بين التجربة التفاعلية والدقة العلمية والسرد المسرحي، وشارك في هذا المشروع المبتكر كل من الدكتور عمر المعتز بالله، أستاذ تاريخ وفلسفة الفن المصري القديم، والدكتورة هدى عبد العزيز، استشارية المناهج التعليمية المتخصصة في الفن والحضارة المصرية القديمة، حيث انطلق المشروع من سؤال جوهري شغل بالهما لسنوات: كيف يمكننا إعادة وصل المصري المعاصر بجذوره؟ بدأ العرض بسلسلة من المحاضرات والندوات، التي تطورت سريعًا إلى فكرة أعمق، وهي مسرح حي ينبض بالحضارة، متجاوزًا مجرد التمثيل ليصبح طقسًا يشارك فيه الجمهور ويتذوق فيه جوهر العقيدة المصرية القديمة حول الموت والخلود.

استند العرض في بدايته إلى أحدث الأبحاث الأثرية، حيث قدم أستاذ تاريخ وفلسفة الفن المصري القديم مقدمة عن معنى التحنيط في العقيدة المصرية، ثم بدأ الطقس التمثيلي الذي لم يكن مجرد عرض، بل كان رحلة حسية عاشها الجمهور خطوة بخطوة من لحظة الوفاة الرمزية وحتى الاستعداد للبعث والخلود.

على صعيد آخر، تضم محافظة الأقصر «متحف التحنيط»، الذي يقع على كورنيش النيل شمال معبد الأقصر، ويتميز بموقعه القريب من نهر النيل، مما يضفي عليه سحرًا وجمالًا، حيث يبلغ طول الجانب المطل على النهر حوالي 300 متر، وقد أُنشئ المتحف عام 1995 وافتُتح في مايو عام 1997، وتبلغ مساحته 2035 مترًا مربعًا، وهو يُعد الأول من نوعه في العالم، حيث يوفر تعريفًا شاملًا بالعملية برمتها من خلال شرح الأهمية الدينية للتحنيط والطقوس المرتبطة به، مع عرض العديد من الأدوات المستخدمة، كما يعرض المتحف مجموعة من الأواني الكانوبية ومومياوات محنطة وتوابيت مزينة بشكل متقن وتمائم وتماثيل المعبودات.

يُعتبر «متحف التحنيط» واحدًا من أهم المتاحف النوعية المتخصصة في مصر، حيث يُبرز عددًا من الموضوعات المتعلقة بالتحنيط والموت في معتقد المصري القديم، مثل: مواد التحنيط والأدوات المستخدمة في تلك العملية، وأواني حفظ الأحشاء، وآلهة التحنيط والجبانة، بالإضافة إلى عرض مجموعات من تمائم الحماية، ومجموعة متنوعة من التوابيت، واللوحات الجنائزية، كما يعرض المتحف أيضًا عددًا من المومياوات البشرية ومجموعة من مومياوات الحيوانات، مثل: التماسيح والقطط والأسماك.

يضم المتحف أكثر من 150 قطعة فرعونية قديمة، من بينها «سرير التحنيط» المستخدم في عملية التحنيط، والذي عُثر عليه مكسورًا لعدة أجزاء في المقبرة رقم 63 بوادي الملوك، ومن الأدوات الخاصة بالتحنيط الموجودة بالمتحف «الإزبيل لتفتيت المخ، الإسبتيولة والملعقة للتنظيف الداخلي، الموسى لعمل فتحة بالجانب الأيسر من البطن، المقص، الملقاط، المشرط لفصل واستئصال الأحشاء، الفرشاة للتنظيف الجاف الداخلي، المخرازة لترميم العظام عند الضرورة، الإبرة لخياطة البطن، ملح النطرون ونشارة الخشب، اللذان كانا يُستخدمان حشوًا مؤقتًا في التجويف الصدري والبطني، بقايا دهون معطرة وبقايا مواد راتنجية على لفائف كتانية، والراتنج هو إفراز المواد الهيدروكربونية من النبات ولا سيما الأشجار الصنوبرية، راتنج من تابوت وراتنج من حفائر بإدفو، كيس به مواد حشو، تربنتينا وُجدت في أكياس بالتابوت، خليط من البيتومين والراتنج، قطعة من جسم محنط، وأخيرًا قطعة من جلد قديم»، كما يضم المتحف مناظر تُحاكي تمامًا برديتي «حونيفر» و«آني» اللتين يرجع تاريخهما إلى 1200 سنة قبل الميلاد، فيما يستقر الأصل في المتحف البريطاني.

كما يحتوي المتحف على صالة عرض القطع الأثرية التي تبلغ مساحتها 300 متر مربع، وتضم 19 فاترينة عرض، ويبلغ عدد القطع الأثرية في تلك الصالة 66 قطعة، تؤرخ بعصور مختلفة من التاريخ المصري القديم عدا قطعتين، وهما عينة حديثة من ملح النطرون، وقد جُلبت من وادي النطرون بغرب الدلتا، والبطة المحنطة حديثًا من صنع العالم المصري زكي إسكندر والكيميائي ألفريد لوكاس عام 1942، بالإضافة إلى عدد من اللوحات التي تمثل مراحل الموت والبعث والحساب.

تنقسم صالة العرض إلى قسمين، الأول: عبارة عن منحدر صاعد من الجانب الأيسر من القاعة، تُعرض فيه عشر لوحات للفنان خالد أمين، وهذه اللوحات مأخوذة من برديتي «أني» و«هو-نفر» الموجودتين بالمتحف البريطاني، أما القسم الثاني من القاعة في نهاية المنحدر فبه فاترينات العرض التي تضم عددًا من القطع الأثرية، منها: آلهة التحنيط، وهم تمثال أوزوريس الخشبي، وتمثالا إيزيس ونفتيس والمركب الجنائزي، وتمثال أنوبيس القابع، بالإضافة إلى أدوات التحنيط من أوانٍ وسوائل التحنيط، والتوابيت.

يوجد أيضًا بالقاعة عدد من الحيوانات المحنطة التي كانت لها دلالات معينة لدى المصري القديم، مثل: الكبش، القطة، طائر أبو منجل، التمساح، والقرد، أما أشهر المومياوات الموجودة بالمتحف، فهي مومياء الأمير ماساهرتي في تابوته، ومومياء من عصر الملك خوفو، وصناديق أحشاء الملكة «حتب» – والدة الملك خوفو – ومومياء «نفر» من عصر الأسرة الخامسة بسقارة.

بالإضافة إلى قاعة المحاضرات التي تتسع لـ 204 أشخاص، وتُقام بها محاضرات ثقافية تتعلق بموضوعات الحضارة المصرية القديمة وخاصة التحنيط، ومكتبة زكي إسكندر، التي أهداها عائلته للمتحف.