سيناء: محور التنمية المستدامة في مصر

سيناء: محور التنمية المستدامة في مصر

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تقريرًا جديدًا يسلط الضوء على مظاهر التنمية في سيناء والتطورات السريعة التي تشهدها، وذلك في إطار رؤية الدولة لتحقيق تنمية شاملة ومتوازنة في جميع أنحاء الجمهورية، حيث تناول التقرير أبرز مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية والبنية التحتية التي تتمتع بها سيناء، مشيرًا إلى ما تمتلكه من موارد طبيعية وثروات بشرية وبيئية واقتصادية تعتبر من أهم ركائز التنمية المستدامة.

وأكد مركز المعلومات أن شبه جزيرة سيناء تعد منطقة استراتيجية حيوية لمصر، سواء من الناحية الاقتصادية أو الأمنية، نظرًا لموقعها الجغرافي وإشرافها المباشر على قناة السويس، أحد أهم الممرات المائية في العالم، وقد وضعت الدولة المصرية سيناء في مقدمة أولوياتها ضمن خطة التنمية الشاملة والاستثمار، بهدف تنفيذ استراتيجية طموحة وغير مسبوقة لتعمير وتنمية هذه المنطقة الحيوية، لتحويلها إلى وجهة جاذبة للمستثمرين والسكان على حد سواء.

تضمنت الخطة التنموية القومية مشروعات متنوعة تغطي قطاعات الزراعة والصناعة والتعدين والتنمية العمرانية، حيث شملت إنشاء مجمعات زراعية وصناعية وتعدينية، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية من خلال بناء شبكات طرق وجسور وأنفاق، ويتوازى ذلك مع جهود الدولة في بناء الإنسان وتوفير سبل العيش الكريم، مع الاستمرار في مكافحة الإرهاب وتأمين حدود مصر الشرقية، إدراكًا بأن الأمن والتنمية يمثلان وجهين لعملة واحدة.

أشار التقرير إلى أن محاور التنمية في سيناء تعتمد على ثلاثة اتجاهات رئيسية، الأول هو التنمية الاقتصادية من خلال الاستثمار في مشروعات متنوعة مثل الزراعة والصناعة والتعدين، بينما يركز الثاني على التنمية الاجتماعية التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة للسكان عبر تطوير خدمات التعليم والصحة وتمكين المرأة والشباب، أما الثالث فهو التنمية العمرانية والبنية التحتية من خلال إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة وتطوير شبكة المواصلات والطرق والأنفاق، مما يسهم في رفع مستوى المعيشة وتعزيز الربط بين سيناء وباقي أنحاء الجمهورية.

منذ عام 2014، أطلقت الدولة خطة شاملة لتنمية سيناء بمشروعات تجاوزت قيمتها 600 مليار جنيه، حيث استأثرت شمال سيناء بحوالى نصف هذا المبلغ، ما يقرب من 290 مليار جنيه، وتم تنفيذ أكثر من ألف مشروع في جميع المجالات، وفي المرحلة الثانية من خطة تنمية سيناء التي تمتد من 2023 إلى 2028، تستهدف الدولة تنفيذ 302 مشروع إضافي في شمال سيناء بتكلفة استثمارية تقدر بـ 363 مليار جنيه، موزعة على 6 مراكز تمثل المحافظة، وهي رفح، والشيخ زويد، والعريش، وبئر العبد، والحسنة، ونخل، حيث لكل مركز مشاريعه الخاصة، كما بلغت قيمة الاستثمارات المحلية المنفذة في محاور التنمية للعام المالي 2023/2024 في جنوب سيناء 868 مليون جنيه، وفي شمال سيناء 490 مليون جنيه.

فيما يخص الزراعة، أولت الدولة المصرية أهمية كبيرة لتنمية الزراعة واستصلاح الأراضي كجزء من خطتها الشاملة لتنمية سيناء، حيث يغطي مشروع التنمية الزراعية في سيناء مساحة تقدر بنحو 1.1 مليون فدان، وتم استصلاح وزراعة 285 ألف فدان منها حتى عام 2024، ويشمل المشروع إنشاء 18 تجمعًا زراعيًا متكاملاً، 11 منها في شمال سيناء و7 في جنوب سيناء، مما ساعد 2122 أسرة في سيناء على الاستفادة من هذه التجمعات، كما شملت الجهود تنفيذ 223 قافلة بيطرية في مختلف أنحاء سيناء ومدن القناة حتى سبتمبر 2024.

أما في مجال الثروة الحيوانية والسمكية، فقد شملت استراتيجية التنمية الشاملة لسيناء أيضًا قطاع الثروة السمكية، حيث بذلت الدولة جهودًا كبيرة في تنفيذ مشروعات مثل تطوير بحيرة البردويل بشمال سيناء، حيث تم تطوير 4 مراسي صيد وتحديث معدات الصيد، بالإضافة إلى إزالة العوائق في البحيرة، كما تم تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى في مجال الاستزراع السمكي، بما في ذلك إنشاء أكثر من 8000 حوض ضمن مشروعات هيئة قناة السويس، ومشروع الفيروز، ومشروع الديبة للاستزراع السمكي، كما يجري العمل حاليًا على إنشاء 8 قرى متكاملة للصيادين بتكلفة تصل إلى نحو 3.5 مليار جنيه.

وفيما يخص الثروة المعدنية والتنقيب، تعتبر مصر من الدول الغنية بالثروات المعدنية، وتعتبر سيناء من أغنى المناطق في مصر بتلك الثروات، حيث تحتوي على معادن مثل المنجنيز واليورانيوم والنحاس والكروم، كما شهدت مناطق سيناء تحقيق 401 اكتشاف بترولي جديد، مما أضاف احتياطيات بترولية تقدر بحوالى 503 ملايين برميل من الزيت والمكثفات، وحوالى 39 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وقد تم تنفيذ عدد من مشروعات المسح السيزمي والجيولوجي في سيناء لتعزيز عمليات التنقيب.

فيما يتعلق بالاستثمار الصناعي، نفذت الدولة مشروعات بقيمة 6.5 مليارات جنيه، وتم تخصيص 38 مليار جنيه للمرحلة المقبلة من المشروعات الصناعية، التي من شأنها خدمة سيناء ومصر والمنطقة بأكملها، ومن أبرز المشروعات الصناعية التي تم تنفيذها مصنع أسمنت العريش ومجمع الرخام بمنطقة الجفجافة، كما بلغ إجمالي الاستثمارات في المناطق الصناعية بسيناء ومدن القناة نحو 73.3 مليار جنيه خلال عام 2022/2023.

في قطاع السياحة، بذلت الدولة جهودًا كبيرة في تنمية السياحة بسيناء، حيث بدأت في تنفيذ مشروعات تنمية سياحية بتكلفة استثمارية تصل إلى 2.5 مليار جنيه، تشمل تطوير المناطق السياحية والأثرية، وأبرزها مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة، حيث يمتد ليشمل 25 نقطة على مسافة 3500 كيلو متر، ومشروع التجلي الأعظم بسانت كاترين، بالإضافة إلى تطوير مدينة شرم الشيخ، التي حصلت على جوائز دولية، مثل الجائزة الذهبية كأفضل وجهة سياحية آمنة في العالم لعام 2024.

أما في مجال الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي، فقد بلغت الطاقة الإنتاجية لمشروع تنمية حقول شمال سيناء نحو 135 مليون قدم مكعب من الغاز يوميًا، كما تم تنفيذ مشروعات كبرى لتخزين وتداول المنتجات البترولية، وتم إنشاء أكبر مستودع لخزانات الزيت الخام في جنوب سيناء بسعة 1.1 مليون برميل.

وفيما يتعلق بتطوير البنية التحتية، قامت الدولة بتنفيذ مشروعات لتحسين الطرق والكباري لربط سيناء بباقي مصر، حيث تم تنفيذ 5000 كم من الطرق والأنفاق، وإنشاء 7 كباري عائمة فوق قناة السويس، بالإضافة إلى إنشاء 5 أنفاق أسفل القناة بتكلفة 35 مليار جنيه، كما تم تطوير مشروعات السكك الحديدية والموانئ البحرية والبرية، حيث يجري حاليًا تطوير 8 موانئ بحرية وإنشاء 3 موانئ برية.

وعلى صعيد الإسكان، خصصت الدولة نحو 26 مليار جنيه من 2014 إلى 2023 لإنشاء حوالي 47 ألف وحدة سكنية، بالإضافة إلى إنشاء 4382 بيتًا بدويًا، كما تم تنفيذ مشروعات الإسكان الاجتماعي وتطوير المناطق العشوائية، مما ساهم في تحسين جودة الحياة.

كما شهدت خدمات المياه والكهرباء تطويرًا ملحوظًا، حيث تم تنفيذ مشروعات لتطوير شبكات مياه الشرب وتوصيل الكهرباء، مما ساعد في رفع نسبة التغطية إلى 96.5% في مياه الشرب و78% في شبكات الصرف الصحي.

في إطار التعاون الدولي، برزت الاستثمارات العربية كأحد المحركات الرئيسية لدعم خطط التنمية في سيناء، حيث تم تمويل 20 مشروعًا من قبل الصناديق العربية منذ عام 2016، مما يعكس أهمية الدعم الخارجي في تعزيز الجهود التنموية.

وفي ختام التقرير، أكد أن تجربة التنمية المتكاملة في سيناء تمثل نموذجًا فريدًا لإرادة الدولة المصرية في إعادة صياغة الواقع الجغرافي والاجتماعي والاقتصادي، حيث نجحت الدولة في تحويل سيناء من منطقة تحديات إلى ساحة فرص واعدة، مما يعكس التزام الدولة بتحقيق التنمية المستدامة والشاملة.