
أوضح الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن من أبرز إنجازات ثورة 23 يوليو 1952 هو السد العالي، الذي ساهم في حماية مصر من أكبر فيضان شهدته البلاد في العصر الحديث عام 1988، بالإضافة إلى السنوات السبع العجاف بين 1981 و1987، التي كانت الأكثر جفافًا منذ عام 1913.
وأشار شراقي عبر حسابه على فيسبوك إلى أن الفيضانات كانت تمثل أحد أخطر الكوارث الطبيعية في مصر قبل ذلك، حيث تم تسجيل فيضان عام 1887 المدمر على جدران معبد الكرنك، والذي بلغ إيراده 123 مليار متر مكعب، وهو ما يعادل مرة ونصف الإيراد الطبيعي، وذكر أنه وكأن الله أراد لنا أن نستخرج كل المخزون حتى وصلنا إلى منسوب 150 مترًا فوق سطح البحر، أي قبل أن يصل منسوب السد العالي إلى 147 مترًا، مما ساعد السد على استيعاب جميع مياه الفيضان دون أي مشاكل، كما حمى السد العالي مصر من الفيضانات بين عامي 1998 و2000، فالحماية من الفيضانات أو الجفاف لا تقدر بثمن.
كما أضاف أن السد العالي ساهم في إضاءة جميع محافظات مصر لأول مرة بكهرباء تصل إلى 2100 ميجاوات، والتي كانت تمثل أكثر من 60% من إجمالي كهرباء مصر بقيمة 100 مليون جنيه في السنة الأولى، والآن توفر حوالي 7% من الكهرباء النظيفة الخالية من الملوثات، دون الحاجة إلى وقود غاز أو مازوت، مما يجعلها ثابتة ومستقرة دون أي عبء على الميزانية.
ولفت إلى أن السد العالي زاد من الرقعة الزراعية بمقدار 1.5 مليون فدان في السنة التالية مباشرة، مما حقق عائدًا زراعيًا يصل إلى حوالي 300 مليون جنيه، كما أن السد غطى معظم تكاليفه التي بلغت 500 مليون جنيه مصري (1.5 مليار دولار في ذلك الوقت) في عام واحد، عندما تم إضافة عائد الكهرباء الذي بلغ 100 مليون جنيه.
وأردف أن السد العالي مكننا من زراعة المحاصيل على مدار العام، بعد أن كانت معظم الزراعة موسمية، حيث توسعنا في الزراعة حتى وصلنا حاليًا إلى أكثر من 10 مليون فدان، رغم أن بعض هذه الأراضي يعتمد على المياه الجوفية، مشيرًا إلى أن السد كان أساس الصناعة في مصر من خلال توفير الكهرباء لمصانع حلوان للحديد والصلب ونجع حمادي للألمنيوم ومصانع الغزل والنسيج وغيرها.
كما أكد أن السد العالي ساهم في حماية الآثار المصرية مثل معبد الأقصر والكرنك من الفيضانات المدمرة التي كانت السبب الرئيسي في تدمير الأسقف والأعمدة، حيث ساعد في استغلال كورنيش النيل شرقًا وغربًا، بالإضافة إلى أكثر من 300 جزيرة نيلية التي أصبحت من أجمل الأراضي وأغلاها بعد أن كانت تعتبر من أخطرها وأرخصها.
وأسهم السد العالي في تنشيط السياحة النيلية من خلال إنشاء أكثر من 300 فندق عائم وآلاف الأندية والمباني على ضفاف النيل، كما أنه حمى مصر من التخزينات الإثيوبية في سد النهضة خلال الفترة من 2020 إلى 2024، حيث لولا السد العالي لكانت كارثة محققة تؤدي إلى توقف أكثر من 50% من الأراضي الزراعية في الوادي والدلتا.
ويعتبر السد العالي أكبر البحيرات الصناعية في العالم، حيث تبلغ مساحته أكثر من 5000 كم²، مما يمكن استغلاله لتكوين ثروة سمكية تكفي مصر، بالإضافة إلى تكوين حوالي 9000 كم من الشواطئ على بحيرة ناصر وخيرانها، مما يتيح إمكانية إنشاء قرى ومدن جديدة على ضفاف البحيرة، مما يعني إمكانية إنشاء محافظات جديدة.
وأشار إلى أن السد العالي تم اختياره من قبل لجان علمية عالمية، بدون وجود أي مصري، كأحد أعظم 10 مشروعات في العالم خلال القرن الماضي، والتي أفادت البشرية وتتميز باستخدام أعلى تكنولوجيا.
اقرأ أيضًا: