3000 كم من الذهب الأزرق: خبير يطرح مشروعًا مبتكر لتحويل السواحل إلى مجتمعات نشطة على مدار العام

3000 كم من الذهب الأزرق: خبير يطرح مشروعًا مبتكر لتحويل السواحل إلى مجتمعات نشطة على مدار العام

صرح محمد فؤاد، الخبير العقاري المتخصص في التنمية العمرانية وعضو جمعية رجال الأعمال المصرية البريطانية، بأن الوقت قد حان لتجديد مفهوم الشريط الساحلي المصري، حيث يعد واحدًا من أهم الموارد الاقتصادية التي لم تُستغل بشكل جيد، وأكد أن تحويل هذا الامتداد الجغرافي إلى رافعة اقتصادية شاملة لم يعد مجرد خيار بل أصبح ضرورة وطنية تتجاوز الاستخدامات التقليدية المحدودة مثل الاستثمار العقاري الموسمي أو السياحة الترفيهية.

وأشار فؤاد، في تصريحات خاصة لـ«إقرأ نيوز»، إلى أن مصر تمتلك شريطًا ساحليًا يزيد عن ثلاثة آلاف كيلومتر على البحرين الأحمر والمتوسط، مما يوفر فرصًا اقتصادية هائلة يمكن استثمارها في مجالات متعددة تشمل الخدمات، والتجارة، والطاقة، والاقتصاد الأزرق، مؤكدًا أن استثمار هذه الإمكانيات يتطلب رؤية اقتصادية شاملة تربط بين القطاعات الحيوية مثل العمران، والنقل، والطاقة، والتكنولوجيا.

كما لفت فؤاد إلى أن الفترة الأخيرة شهدت طفرة في المشروعات العمرانية، مثل مدينة العلمين الجديدة، إلا أن هذه الطفرة لا تزال محصورة في الإطار العقاري، مشددًا على ضرورة توسيع نطاق هذه المناطق لتصبح مجتمعات دائمة تضم مناطق عمل وإنتاج وسكن، وليس فقط وجهات صيفية للنخبة.

الخبير العقاري محمد فؤاد.

دعا الخبير العقاري إلى إعادة النظر في توزيع الأنشطة الاقتصادية على طول الساحل، بحيث يتم دمج قطاعات مثل اللوجستيات والموانئ الذكية، والطاقة المتجددة، والصناعات المرتبطة بالاقتصاد الأزرق، مثل الصيد، وتحلية المياه، والسياحة البيئية، ورأى أن النموذج التنموي الجديد يجب أن يعتمد على التنوع الاقتصادي والابتكار في استغلال الموارد الساحلية.

كما أكد أن أكبر عقبة تحول دون تحويل الشريط الساحلي إلى قوة اقتصادية تكمن في غياب خريطة تنموية موحدة تُلزم جميع الجهات المعنية، سواء كانت حكومية أو خاصة، بالعمل ضمن إطار منسق، موضحًا أن هناك استثمارات ومدنًا واعدة، لكن غياب التنسيق يؤدي إلى مشروعات متفرقة تفتقر إلى الترابط، مما قد ينتج عنه تشوهات تنموية في المستقبل.

واصل محمد فؤاد حديثه مؤكدًا أن التخطيط الساحلي يجب أن يكون جزءًا من شبكة تنمية متكاملة تشمل الدلتا والصعيد، وليس معزولًا عن باقي جغرافيا مصر، مشددًا على أهمية تحديد الأدوار بوضوح بين الجهات المختلفة لضمان فعالية التنفيذ وتحقيق رؤية تنموية شاملة.

وأشار إلى أن الشريط الساحلي يمكن أن يكون نقطة انطلاق رئيسية لتوفير ملايين من الفرص المستدامة، من خلال مشروعات متنوعة تشمل السياحة البيئية والعلاجية، وإنشاء مراكز تكنولوجية وبحثية متخصصة في علوم البحار، بالإضافة إلى تطوير الصناعات الغذائية المرتبطة بالموانئ والمناطق اللوجستية، مضيفًا أن المدن الساحلية قادرة على التحول إلى مجتمعات منتجة تعيش طوال العام، إذا ما خرجت من إطار الاستخدام الموسمي.

اختتم فؤاد تصريحاته بالتأكيد على أن تطوير الشريط الساحلي يجب أن يُعتبر جزءًا من معادلة الأمن القومي، وليس مجرد ملف تنموي، موضحًا أن كل مشروع يعزز من توطين السكان على السواحل، وكل نشاط اقتصادي يربط البحر بالداخل، يسهم في تخفيف الضغط عن وادي النيل، ويساعد في إعادة تشكيل الخريطة السكانية لمصر بما يتماشى مع أهداف العدالة المكانية والاستدامة طويلة الأمد.