
أشار الدكتور محمد عصمت، رئيس نادي صيادلة مصر وعضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصيادلة العرب، إلى أن التحديات الاقتصادية المتزايدة والضغوط على سلاسل الإمداد العالمية تجعل من توطين صناعة الدواء في مصر ضرورة وطنية، وهو أحد المحاور الاستراتيجية لتحقيق رؤية مصر 2030، التي تهدف إلى بناء اقتصاد قوي ومستدام يعتمد على الابتكار والتصنيع المحلي، ويحقق الاكتفاء الذاتي في القطاعات الحيوية، وخاصة في مجال الدواء.
وأوضح الدكتور محمد عصمت أن الأمن الدوائي يعد قضية سيادة وطنية، حيث إن الاعتماد على الخارج في توفير الأدوية والمواد الخام يشكل خطرًا على استقرار المنظومة الصحية، خاصة في أوقات الأزمات والجوائح، ومن هنا فإن توطين صناعة الدواء يمثل درعًا واقيًا للأمن القومي الصحي، ووسيلة لضمان استمرارية العلاج للمواطن المصري بجودة وأسعار مناسبة، مشيرًا إلى أهمية وجود آلية لتقليل الاستيراد وتخفيف الضغط على النقد الأجنبي، بالإضافة إلى فرصة استراتيجية لتحويل مصر إلى مركز إقليمي لتصدير الدواء في أفريقيا والشرق الأوسط.
كما أوضح الدكتور محمد عصمت أن مدينة الدواء المصرية «جيبتو فارما» تعتبر أكبر مجمع صناعي دوائي حديث في الشرق الأوسط، حيث تتمتع بطاقة إنتاجية ضخمة وتقنيات تصنيع على أعلى مستوى عالمي، بهدف تصنيع أدوية كانت تُستورد لعقود، وإنتاج مستحضرات حيوية ومعقدة لأول مرة محليًا، وجذب استثمارات دوائية محلية وعالمية، مؤكدًا أنها تمثل نموذجًا ناجحًا للتكامل بين الدولة والقطاع الخاص في دعم الصناعة الوطنية وتعزيز قدرات مصر التنافسية في سوق الدواء العالمي.
وأضاف أن نقابة الصيادلة ونادي صيادلة مصر يلعبان دورًا محوريًا في دعم هذا التوجه الوطني، من خلال تمكين الصيدلي في الصناعة، والعمل على دمج الصيادلة في كافة مراحل تصنيع الدواء، من البحث والتطوير إلى ضبط الجودة والإنتاج، والدفاع عن حقوق الصيدلي في تقلد المناصب الفنية والإشرافية في مصانع الدواء، وإطلاق برامج تدريبية متخصصة لإعداد كوادر صيدلانية قادرة على العمل بكفاءة في المدن الصناعية الدوائية، والتعاون مع مدينة الدواء والمؤسسات الأكاديمية لتطوير المهارات المطلوبة وفقًا للمعايير الدولية، ودعم القوانين والتشريعات التي تحفز توطين الصناعة وحماية المنتج المحلي، والتنسيق مع الجهات التنفيذية لضمان تسهيل تسجيل المنتجات المصنعة محليًا وتسويقها داخليًا وخارجيًا، والدعوة لتحديث مناهج كليات الصيدلة بما يتوافق مع متطلبات التصنيع والتكنولوجيا الحيوية والرقابة الدوائية الحديثة.
وشدد على أن الصيدلي المصري هو الركيزة الأساسية في تحقيق الأمن الدوائي، من خلال الإشراف على مراحل التصنيع والتعبئة والتخزين، وضمان جودة المنتجات ومطابقتها للمواصفات العالمية، وقيادة فرق التطوير والابتكار في شركات الدواء الوطنية، والتوعية المجتمعية بالاستخدام الرشيد للأدوية.
وقال إن المشروع القومي لتوطين صناعة الدواء ليس مجرد خيار اقتصادي، بل خيار سيادي لحماية صحة المواطن المصري وتحقيق الأمن الدوائي المستدام، ومن خلال مدينة الدواء وبقيادة نقابة الصيادلة ونادي صيادلة مصر وخبراتهما الواسعة، وبدعم من الدولة في إطار رؤية مصر 2030، تمضي مصر بخطى واثقة نحو استعادة مكانتها كدولة رائدة في تصنيع الدواء، قادرة على تلبية احتياجات شعبها وتصدير المعرفة والدواء إلى الخارج.