مع بزوغ الفجر، كانت 18 فتاة من ريف المنوفية يتوجهن كالمعتاد نحو العمل، يحملن في قلوبهن أحلامًا بسيطة وآمالًا في يوم يسير بسلام، لم يكن أي منهن يدرك أن تلك الرحلة ستكون الأخيرة، وأن الطريق الذي اعتدن السير فيه يوميًا سيبتلعهن بلا رحمة.
على الطريق الإقليمي في المنوفية، تعرض ميكروباص صغير كان يقل هؤلاء الفتيات لاصطدام مروع بشاحنة نقل ثقيل، لحظات قليلة كانت كفيلة بتحويل أحلامهن إلى صرخات، والصرخات إلى صمت أبدي، حيث أزهقت 19 روحًا في لحظة، ولم يكن القدر وحده هو السبب، بل كان الإهمال وغياب معايير الأمان على هذا الطريق المزدحم جزءًا من القصة.
ولم يكن هذا الحادث هو الأول أو الأخير، فبعد أسبوع تقريبًا، وقع حادث آخر على نفس الطريق أودى بحياة 9 أشخاص.
كما شهد الطريق الدائري الإقليمي في منطقة منشأة القناطر حادثًا مأساويًا آخر، حيث تم تدمير سيارتي ميكروباص، مما أدى إلى وفاة 9 أشخاص وإصابة 11 آخرين – صورة أرشيفية.
نبيل محمد، أحد سائقي النقل الثقيل في محافظة المنوفية، تحدث لـ«إقرأ نيوز» مؤكدًا أن السائقين في هذا القطاع يعانون من ظلم كبير وتحامل غير عادل، حيث يُلقى اللوم عليهم في أخطاء لا يرتكبونها، مشيرًا إلى أن الكثير منهم يتعرضون للاتهامات بدون حق، خاصة فيما يتعلق بمشاكل الطرق والحوادث.
كما أوضح نبيل أن العديد من السائقين ليس لديهم رخص قيادة رسمية، مما يؤثر سلبًا على سمعة السائقين الملتزمين الذين يتحملون وزر أخطاء الآخرين، مضيفًا: «الناس اللي بتشتغل في النقل مظلومة، وهم اللي شايلين على دماغهم كل حاجة، مش معقول كل الغلط يكون عليهم، خصوصًا لما يتهموا بأنهم بيشربوا مخدرات، والكثير من هذا الكلام غير صحيح»
وأشار إلى الإجراءات الحالية في إصدار رخص القيادة، قائلًا: «الآن لا تُصدر رخصة بدون تحليل مخدرات، وبالتالي فإن تكلفة هذا الموضوع مرتفعة على الناس الذين يكافحون من أجل لقمة العيش، كيف يمكن لشخص يعمل يوميًا أن يتحمل تكاليف المخدرات»
وأضاف نبيل أن الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع أسعار قطع الغيار وتكاليف الصيانة أثرت بشكل كبير على قطاع النقل، مشيرًا إلى أن «الطريق الإقليمي للمنوفية كان مكسورًا منذ زمن، ولا يوجد تأمين كافٍ»، مؤكدًا على ضرورة تحميل المخطئ المسؤولية الحقيقية، قائلاً: «إذا كان هناك سائق يسير بشكل مخالف، يجب محاسبته، فلا يمكن أن نُلقي باللوم كله على السائقين الذين يعملون بضمير»
عبدالناصر فهمي، سائق نقل ثقيل آخر، أوضح: «ليس كلنا نتعاطى المخدرات، هذه صورة خاطئة رسمها المجتمع عن جميع سائقي النقل الثقيل»، مؤكدًا: «هناك سائقون يعملون بضمير من أجل لقمة العيش، من يتعاطى يجب أن يُحاسب، لكن لا يمكن تعميم التهمة علينا جميعًا، فهناك عوامل كثيرة تسبب الحوادث مثل الطرق المكسرة وغياب الرقابة المرورية الحقيقية وإهمال أصحاب السيارات في صيانتها»
اطلع أيضًا على التحقيق كاملاً: