خبير طرق: الشبكة الجديدة بُنيت بتكاليف عالية ودون دراسات شاملة، والصيانة تأتي كرد فعل متأخر

أوضح المهندس جمال عسكر، خبير في قطاع السيارات وهندسة الطرق، أن شبكة الطرق الجديدة تم إنشاؤها بتكلفة ضخمة دون إجراء دراسات فنية دقيقة، كما أن الصيانة تتم بشكل رد فعل وليس وفق جدول منتظم، مشيرًا إلى أنه لا يمكن الحديث عن صيانة الطرق قبل مناقشة كيفية إنشاء الشبكة القومية للطرق التي تم تنفيذها ومنظومة النقل بتكلفة تجاوزت 2 تريليون جنيه، وهو مبلغ كبير جدًا في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر منذ عام 2011 وحتى الآن، حيث تشهد البلاد حالة من الركود الاقتصادي الشديد لم تشهدها منذ قرون.
وأضاف عسكر، خلال حديثه مع «إقرأ نيوز»، أن هذه الميزانية الكبيرة لم يقابلها تنفيذ مطابق للمواصفات العالمية، مما أدى إلى ظهور مشكلات إنشائية كبيرة في فترة قصيرة، ومن أبرز تلك المشكلات هبوطات أرضية، وتهالك الأسفلت، وتكسر في طبقات الطريق، بالإضافة إلى عدم الاهتمام باستخدام الخرسانة في الطرق التي تتحمل النقل الثقيل، مثل طريق مصر- السويس المؤدي إلى مصنع السن، حيث تُنقل كميات ضخمة من المواد الثقيلة، ورغم ذلك لم يُنشأ بطبقة خرسانية.
وأشار إلى أن الطريق الإقليمي، على سبيل المثال، والذي تم إنشاؤه بطول 400 كيلومتر، يعاني من مشكلات جسيمة بسبب الاعتماد على الأسفلت رغم مرور عدد كبير من التريلات عليه يوميًا، مما أدى إلى تدهور حالته بسرعة، ليصبح من أخطر الطرق في مصر من حيث عدد الحوادث اليومية.
وانتقد عسكر عدم وجود جدول صيانة منتظم وواضح، مؤكدًا أن الصيانة يجب أن تتم دوريًا كل 3 إلى 6 أشهر، وليس كرد فعل بعد وقوع الكوارث، مضيفًا: «نحن لا نقوم بالصيانة بشكل وقائي، بل ننتظر وقوع المشكلة أولًا ثم نبدأ في التحرك، وهو ما يتعارض مع المعايير الدولية في إدارة الطرق».
وحسب رؤية عسكر، فإن حوادث الطرق تنجم عن ثلاثة عوامل رئيسية، منها العامل البشري، حيث يعاني العديد من السائقين من ضعف التأهيل والجهل بالقواعد المرورية، بالإضافة إلى أن حالة الطريق غالبًا ما تكون غير مطابقة للمواصفات، بجانب حالة المركبة، خاصة الثقيلة منها التي تسير دون صيانة دورية.
وأكد عسكر أن الحديث الإعلامي المستمر عن تعاطي سائقي النقل لا يكفي، مطالبًا بضرورة تثقيف المواطن وقائد المركبة، مشيرًا إلى ضعف الخدمات على الطرق، حيث يدفع المواطن مقابل الترخيص والرخصة والرسوم دون الحصول على خدمات توازي ذلك، كما لا نجد شرطة الطرق أو سيارات الإسعاف بالشكل المطلوب، وعند وقوع الحوادث تتأخر الاستجابة بشكل ملحوظ.
وأشار عسكر إلى أن العديد من الطرق في مصر تعاني من عيوب تصميمية جسيمة، بسبب عدم وجود آلية دقيقة للاستلام والمراقبة خلال التنفيذ، حيث يجب مراجعة طبقات الطريق، وتصريف المياه، وملاءمة الطريق للمناطق التي تشهد أمطارًا غزيرة أو سيولًا مثل البحر الأحمر وسيناء، لأن السيول تؤدي إلى تآكل الطبقات السفلية للطريق بسرعة، كما أن ارتفاع درجات الحرارة في الصيف يضعف من مقاومة الأسفلت، خصوصًا إذا لم تكن الخلطة الأسفلتية مجهزة لذلك، مطالبًا بمراعاة هذه العوامل المناخية في التصميمات.
وأكد أن هناك طرقًا أُنشئت في مناطق كانت خالية عند بدء المشروع، لكنها الآن أصبحت مزدحمة بالسكان والمشروعات الجديدة، مما زاد من الضغط المروري عليها، دون تحديث في التصميم أو توسعة، بالإضافة إلى التداخل في الاختصاصات بين هيئة الطرق والكباري والمحليات ووزارة النقل، مما يعطل قرارات الصيانة، موضحًا أن الهيئة العامة للطرق والكباري والنقل البري هي الجهة الرئيسية المسؤولة عن صيانة وتطوير الطرق، وتتبع وزارة النقل، وتقوم بصيانة الطرق السريعة والرئيسية بين المحافظات، إضافة إلى إدارة الكباري والمزلقانات.
وشدد خبير هندسة الطرق على ضرورة البدء بتثقيف قائد المركبة وتعليمه الإرشادات المرورية، إلى جانب صيانة الطريق بشكل دوري، ومراجعته، ومتابعته باستخدام كاميرات متطورة ليس فقط لرصد المخالفات، بل أيضًا لمراقبة حالة الطريق والحوادث، مطالبًا بفرض صيانة دورية للمركبات، خاصة إطارات الشاحنات الثقيلة، حيث أشار إلى أن الكثير من الحوادث تحدث بسبب إطارات تالفة، أو مركبات تسير دون إنارة ليلًا، مما يجعلها كأنها ظل أسود يتحرك في الطريق دون أن يراها السائقون.
وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يبلغ حجم شبكة الطرق في مصر 174.8 ألف كيلومتر عام 2024 وفقًا لجهات التنفيذ والإشراف، فيما بلغ إجمالي أطوال شبكة الطرق المرصوفة على مستوى الجمهورية 144.3 ألف كيلومتر، بينما بلغ إجمالي أطوال شبكة الطرق الترابية على مستوى الجمهورية 30.5 ألف كيلومتر.
ذكر التقرير أن أطوال شبكة الطرق المرصوفة التابعة للهيئة العامة للطرق والكباري سجلت 30.4 ألف كيلومتر بنسبة 21.1%، وبلغت أطوال شبكة الطرق التابعة لمديريات الطرق/ المحليات 98.5 ألف كيلومتر بنسبة 68.2%، كما بلغت أطوال شبكة الطرق التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة 14.7 ألف كيلومتر بنسبة 10.2%، بينما بلغت أطوال شبكة الطرق التابعة للشركة الوطنية للطرق 0.9 ألف كم بنسبة 0.6%.
اطلع أيضًا: